أيها الأطباء.. الحقوا مداهمة!

أيها الأطباء.. الحقوا مداهمة!

سمر المقرن

لا أصدق ما أراه و أسمعه عن تعامل وزارة الصحة مع الأطباء السعوديين العاملين في القطاع الخاص، يتراءى لي وأنا أقرأ تلك الأخبار عن ما تقوم به الصحة من مداهمات لمستشفيات وعيادات خاصة للبحث والتفتيش خلف الأطباء السعوديين، أنها تحولت إلى أحد الإدارات التابعة للبلدية وليست وزارة للصحة تتعامل مع أهم وأرقى فئة من الناحية العلمية والمهنية! ما تذكره الأخبار وما يقوله الأطباء عن تلك المداهمات مخزي للغاية، وكأن وزارة الصحة تتقمص دور البلدية وتتخيل أنها تداهم مطعم يقدم أطعمة متعفنة، أو مشغل نسائي تفتش فيه وتبحث عن الأخطاء!

يا وزارة الصحة، هؤلاء أطباء، هل تفهم الوزارة معنى أطباء؟ هل تفهم الوزارة أن المواطن والمقيم الذي لا يفكر ولا في أحلام اليقظة أن يدخل على عيادة استشاري سعودي في أحد المستشفيات الحكومية، أنه صار بإمكانه أن يدخل عليه بـ"فلوسه" في مستشفى أو عيادة خاصة! لماذا وزارة الصحة لا تتعامل مع هذا الموضوع بعينٍ إنسانية سواء مع الطبيب أو المريض أم أنها لا ترحم ولا لغيرها أن يُرحم؟!

الطبيب السعودي بكل صراحة يعاني من عملية "تطفيش" ممنهجة، بدأت من موضوع (تثبيت الرواتب) الذي طال الأطباء السعوديين ولم يمس الأطباء غير السعوديين، وهو لمن لا يعرفه إيقاف الزيادات والحوافز وتجميدها حتى لو تمت ترقية الطبيب لأن هناك مقاييس تراها وزارة الصحة يطول شرحها ولست بصدد تناولها الآن. الأمر الآخر أنه وبرغم منع الوزارة للطبيب من أن يعمل في أوقات خارج عمله الحكومي، وبغض النظر عن الفائدة المادية التي يجنيها الطبيب السعودي من هذا العمل الاضافي، فهو ينظر إلى هذه المهمة بإنسانية أقسم عليها وبيده كتاب الله، فالطبيب يعلم جيدًا أن المريض لن يتمكن من مراجعته في مستشفى حكومي إلا أن كان لديه واسطة قوية، أو في حالات مقننة جدًا، وعدا ذلك فمن الصعب زيارة الطبيب في المستشفى الحكومي. الأكثر مرارة في هذه القضية هو صدور أمر ملكي من عام 1427هـ يسمح لهم بالعمل في القطاع الخاص وفق ضوابط محددة، مع ذلك ما زالت وزارة الصحة تتجاهله، وهو الذي عرفت عنه بالصدفة من خلال مقالات الدكتور أيمن بدر كريم في جريدة المدينة، والذي أوضح مشكورًا في مقالاته كثير من النقاط التي نجهلها.

في الحقيقة، وجود الأطباء السعوديين في القطاع الخاص هو أمر مهم وضروري، وأنا شخصيًا وهناك غيري كثيرون لا يثقون إلا بالطبيب السعودي الذي أثبت جدارته وتميزه، مع ذلك هناك كثير من الأطباء "طفشوا" و "هربوا" إلى الخارج لأن دولاً كثيرة تتمناهم!

الأمور ما زالت تزداد سوءًا.. ولا عزاء لأطبائنا الكرام، فما بقي إلا أن يقف لهم أحد الشباب حارسًا على أبواب المستشفيات الخاصة لينبههم: (الحقوا.. مداهمة). 

12263