في حوار أجرته الزميلة سمر المقرن مع الشيخ الدكتور صالح السدلان لجريدة (الوقت) البحرينية قال فضيلته بالنص: (قضية المرأة داخل المجتمع السعودي تجاوزت الخطوط الشرعية)، موضحاً: (أن قاعدة (سد الذرائع) قد أفضت إلى ظلم المرأة)، وأضاف: (وهي قاعدة مأخوذ بها بشدة لدينا ويجب أن لا يُبالغ في سد الذرائع فيحمّل الموضوع أكثر مما يتحمّل). وهذا بالمختصر المفيد ما نطالب به فقهاءنا، وبالذات (المتشددين) منهم، الذين رفعوا بعض القضايا التي حُرّمت في الأساس لأنها ذريعة (احتمالية) قد تفضي إلى محرم، إلى درجة صارت هي في حد ذاتها محرمة، وكأنما لديهم نص قاطع مانع يقول بالتحريم. وأفضل مثال على ذلك ما يُسمى: ب(الاختلاط)؛ الذي ضيَّق على المرأة في تلمس رزقها المشروع، وحرمنا (تنموياً) من بناء مجتمع متوازن تعمل فيه المرأة وتنتج مثلها مثل الرجل، مثلما يجري في كل دول الأرض قاطبة، ومثلما كنا في الماضي قبل أن يُحول (البعض) قضايانا الاجتماعية إلى (مزايدات) علاقتها بالسياسة أكثر من علاقتها بالدين. وفي هذا التوجه يقول فضيلته: (لا أنادي بالعزل بين النساء والرجال، بل إن هناك قطاعات لابد أن يكون فيها الاختلاط (النظيف)، كالقطاعات الصحية التي تحتاج للرجال والنساء سوياً، ومن يطالب بالعزل بين الجنسين في مثل هذه القطاعات فهذا نوع من التشدد غير المبرر).
ورأي الشيخ هنا نحن في أمس الحاجة إليه، في وضع من (التزمّت) وصلنا فيه إلى درجة أن بعض الفعاليات الأكاديمية (المؤدلجة) قامت بإقحام قضية الاختلاط إلى ردهات كلية الطب، واستصدروا لترسيخها (فتاوى) لو طبقت لأثرت تأثيراً سلبياً خطيراً على القيمة (الأكاديمية) لمخرجات هذه الكلية من الأطباء والطبيبات، وهذا ما فات على أصحاب هذه الفتاوى التنبّه إليه.
وعن تعدد الزوجات، وضرورة وضع ضوابط (نظامية) له يقول بالنص: (أدعو إلى إيجاد (نظام) لتعدد الزوجات يكون من خلاله التثبت والتأكد من قدرة الرجل المالية). وفي رأيي أن هذه الجزئية تحمل الكثير من الأبعاد أهمها أن التشريع الإسلامي يحتاج بين عصر وآخر إلى وضع كثير من (الضوابط) التي لم يضعها المتقدمون من السلف لتواكب متطلبات العصر وظروفه. كما (يوظف) الشيخ هنا - ربما لأول مرة - مبدأ (سد الذرائع) في مصلحة المرأة، وتقييد حقوق الرجل، وليس (لسلب) حقوقها كما جرت العادة لدينا، الأمر الذي يدل على عقلية متفهّمة لظروف العصر وضروراته.
ولعل من عاصر فترة ممانعة (المتزمتين) لتعليم المرأة يتذكر أن من (رفضوا) تعليمها آنذاك، وظفوا ذات المبدأ (سد الذرائع) في مواجهة من طالب بتعليمها؛ وكذلك الأمر (اليوم) بالنسبة لقيادة المرأة للسيارة كذلك.
وفي ظني أن مبدأ (سد الذرائع) أصبح حجة من ليس له حجة. فعندما تطالب أحدهم بالدليل يلجأ إلى توظيف هذا المبدأ توظيفاً (رغبوياً)، لتنفيذ رغبات تمليها - في الغالب - محاذير العادات والتقاليد (المتكلسة)؛ حتى أصبح هذا المبدأ بمثابة العقبة الكأداء التي تُعيق تطورنا الاجتماعي والاقتصادي.
بقي أن أقول إننا في أمسّ الحاجة لمثل هذه العقليات الفقهية المتفتحة لمواجهة بعض المتشددين الذين يتبارون فيما بينهم - للأسف - للتضييق على عباد الله بشكل عام، وعلى المرأة على وجه الخصوص.