واشنطن- أجرى الحوار عمران سلمان
أكدت الكاتبة والصحفية السعودية سمر المقرن أنها لم تفقد الأمل في قيام نهضة عربية حقيقية رغم موجة التشدد الديني التي تجتاح المنطقة العربية وفي ظل الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة التي تضرب دولها.
وقالت في حديث مع موقع آفاق إنها هدفت من خلال روايتها الأخيرة "نساء المنكر" إلى "تعرية ومحاربة العنف ضد المرأة والظلم المجتمعي وإبراز قضية تجريم الحب في مجتمع ينظر لهذه المشاعر نظرة دونية مع أنها مشاعر إنسانية موجودة في كل إنسان".
وفيما يلي نص المقابلة :
آفاق: بماذا تقدمين نفسك للقراء؟
سمر المقرن: أفضل أن يقدمني كل قارئ بما يرى.
آفاق: كيف تصفين تجربتك مع الكتابة والصحافة في ظل مجتمع محافظ مثل المجتمع السعودي، وهل هناك من يقف إلى جانبك ويشد من أزرك؟
سمر المقرن: العمل الصحافي بشكل عام داخل السعودية يعتبر صعب جدا سواء للرجل أو المرأة العاملين في هذا المجال، ليس لأن المجتمع السعودي مجتمع محافظ أو كما يقال أنه "غير منفتح" على العكس فالسعوديون منفتحون جدا على الصحافة، لكن مفهوم العمل الصحافي لازال يحمل لبسا في أذهان البعض ممن يرون أن الصحافة مهنتها التلميع ومسح الجوخ فتجد هذه الفئة لا تتقبل العمل المهني الجاد وتنتظر منك أن تحظر مناسبة ما لتقوم بعمل تغطية تقليدية كالتي تبدأ بكذا ومن ثم الفقرة الفلانية.. وهكذا مما تعج به الصحف التقليدية.
لابد لكل إنسان لكي يستمر أن يكون هناك من يدعمه ويسانده ويحفزه وأنا ولله الحمد لي أسرة رائعة دائما تحفزني على العطاء والاستمرار.
آفاق: روايتك "نساء المنكر" أثارت منذ صدورها الكثير من الاهتمام في الساحة الثقافية العربية وإقبالا من القراء، هل لك أن تعطينا باختصار فكرة عن هذه الرواية، ما هو مضمونها وما هي الرسالة التي تودين إيصالها من خلالها؟
سمر المقرن: في روايتي كثير من الرسائل التي أردت إيصالها، تتجسد في مجملها في تعرية ومحاربة العنف ضد المرأة والظلم المجتمعي وإبراز قضية تجريم الحب في مجتمع ينظر لهذه المشاعر نظرة دونية مع أنها مشاعر إنسانية موجودة في كل إنسان إلا أن القوالب التقليدية الجامدة التي تفرض نفسها من خلال أعراف وتقاليد تجعل الإنسان ينكر وجود هذا العاطفة النبيلة.
بطلة الرواية "سارة" هي امرأة معلقة لم ينصفها القضاء في الحصول على الطلاق، وبالنهاية هي إنسانة، ولديها احتياجات، ارتبطت بقصة حب ومع ذلك هناك نظرة دونية تجاهها لأنها متزوجة على الورق، وهذا الأمر شاهدته في عملي الصحافي وكتبت عن النساء المعلقات وأوضاعهن المزرية.
القضية الثانية التي أردت أن أسلط الضوء عليها هي المرأة التي تدخل إلى السجن بسبب ارتباطها برجل تحبه وكيف يكون التمييز ضدها حتى في الحكم القضائي، أيضا في لمحات كثيرة في الرواية سلطت الضوء على حال السجينات وأوضاع أطفالهن.
القضية الثالثة هي حال المرأة بعد خروجها من السجن وكيف تفقد وظيفتها وحياتها بينما الرجل يعود لحياته بشكل طبيعي ولا أحد يلومه على شيء.
آفاق: هل روايتك تأتي ردا على واقع المرأة في السعودية، أم أنها مجرد عرض لنماذج نسائية تعاطفت معها وأحببت تقديمها للقارئ؟
سمر المقرن: لم اكتب في حياتي حرفا واحدا للعبث، في كل كلمة وفي كل عبارة أحمل فيها من داخلي الكثير من المعاني، أيضا لم أفكر في الرد على أحد فأنا لست في حرب. دائما أقول إن لدينا نماذج سلبية وتحتاج لمن يلتفت لها، وأن المجتمع ليس طهرانيا بل هو مثله مثل أي مجتمع آخر متنوع.
آفاق: تم سحب روايتك من معرض الرياض الدولي للكتاب الأخير ضمن روايات أخرى بعد ضغوط مارسها بعض رجال الدين، هل شعرت بالإحباط نتيجة لذلك، وكيف تصفين موقف القراء والمثقفين داخل السعودية من الرواية؟
سمر المقرن: في تصوري أن هذا تم بناءً على تصرفات فردية أو اجتهادات نظرت لاسم الكاتب دون المضمون، وأكاد أجزم أن صاحب قرار منع الرواية لم يقرأها.
في الحقيقة فوجئت بما حصل خصوصا وأن معرض الرياض قد شهد انفتاحا كبيرا في العام الماضي وعلمت أنه تم السماح بدخول "نساء المنكر"، وبالفعل دخلت ألف نسخة للمعرض وتم رصها على رفوف دار الساقي وفي يوم الافتتاح اتصل بي زميل من صحيفة الحياة يطلب مني تصريحا حول منع روايتي فقلت له بل الرواية دخلت ولم تمنع فأخبرني أنه يحدثني من أرض المعرض و أنه قد تم سحب الرواية من رفوف الساقي.
لا أخفيك حال وصول الخبر أصبت بالإحباط وتألمت ليس على سحب كتابي فحسب بل على فكرة سحب الكتب ومصادرتها بهذه الطريقة الساذجة، لكن وبصراحة هذا الإجراء خدم روايتي ولمست ذلك منذ اليوم التالي عندما بدأت الصحف المحلية والخارجية تكتب عن روايتي وأذيع الخبر في نشرات الأخبار في عدد من القنوات الفضائية، وقتها شعرت بسعادة كبيرة فهذه دعاية وبالمجان لعملي.
آفاق: أجريت قبل فترة مقابلة مع أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الشيخ صالح السدلان قال فيها إن للدول الغربية الحق في رفض الحجاب ومنعه، ثم نفى تصريحاته، رغم وجود تسجيل للمقابلة، ما الذي جرى بالضبط وبماذا خرجت من هذه التجربة؟
سمر المقرن: الدكتور صالح السدلان كان قد رحب بعمل حوار معه وقد استقبلني مرتين بمنزله حيث عندما حضرت في المرة الأولى توقع أن ينتهي الحوار في غضون ربع ساعة نظرا لارتباطه بمناسبة خاصة، واعتذر مني وحدد معي موعدا آخر بعدها بيومين، كان سعيد للغاية وطلب مني إرسال الحوار بعد تفريغه لابن شقيقته الذي كان يقوم بالتنسيق بيني وبين خاله الدكتور السدلان وبالفعل أرسلت له الحوار وأعجب به بل وتحمس لنشره، ولم يغير كلمة واحدة (ولازلت احتفظ بهذا الإيميل) وبعد نشره كان الشيخ سعيد للغاية وشكرني عليه، لكني علمت أن هناك ضغوطات يتعرض لها وبدأ تكذيبي عبر مواقع الانترنت المشبوهة ووصلتني كثير من الاتصالات التي تطلب مني نشر التسجيل، لكني رفضت وقلت إن الأمانة الصحافية تستوجب أن أحفظ التسجيل إلا في حالة واحدة إن صدر تكذيب رسمي من الشيخ، وهذا مافعله بعد شهرين قام بكتابة خطاب يكذبني فيه ونشره على الإنترنت ولم يبعث به للصحيفة، وبدوري نشرت التسجيل لأحافظ على اسمي الصحافي.
أما بماذا خرجت من هذه التجربة، فقد خرجت بالكثير، تعلمت أن لا أثق بأحد –أيا كان- مهما ابتسم لي وأظهر لي سعادته وامتنانه.
آفاق: ما الذي يدور في السعودية حاليا، هناك فتاوى دينية تكفر بعض الكتاب وبيانات من مثقفين تنتقد المؤسسة الدينية، وهناك استقطاب حاد بين الليبراليين والإسلاميين .. هل هذه معركة فكرية حقيقية أم مجرد مناكفات؟
سمر المقرن: هذه تسالي، العقول لازالت ناشئة وتحتاج إلى فترة طويلة لتصل إلى مرحلة النضج وتوحيد الأهداف، عموما اعتبره حراك جميل ماعدا قضية التكفير لأنها خطيرة ويجب أن يُحاسب من يقوم بهذا الفعل ولا يُترك ليتحكم بكلمة غير مسؤولة منه في أرواح الناس، معنى أن يقوم شخص ما بتكفير آخر، فإن ذلك الشخص وكما نعلم له كثير من الأتباع وخصوصا صغار السن الطائشين وقد يقوم منهم أحد بفعل لا تُحمد عقباه من باب أن الحوريات على باب الجنة.
آفاق: أخيرا، هل أنت متفائلة بمستقبل المنطقة العربية، لا سيما في ظل موجة التشدد الديني التي تجتاحها وفي ظل الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة التي تضرب دولها؟
سمر المقرن: ليس هناك عربية أو عربي لا يتمنيان اتحاد العرب ووحدتهم، فنحن أمة واحدة والتحديات المفروضة علينا واحدة وأنا مثل أي فرد من هذه الأمة اشعر بالألم عند مشهد فلسطيني حزين أو جرح نازف في العراق. لم افقد الأمل بعد في نهضة عربية حقيقية على كافة الأصعدة.