أيها الإخواني: أنت حر!


سمر المقرن

حقل التعليم، هو الأوحد الذي يبث المعلومة مُباشرة في أذهان النشء، إذ أن كل ما يُمكن تلقيه سواء أتي بشكل مباشر أو غير مباشر فهو يمر بمراحل إلى أن يصل إلى قناعات الإنسان فإما يقبلها ويعتنقها، أو يرفضها ويبتعد عنها.

كل مراحل التعليم بما فيها من "تلقين" خطيرة جدًا على فكر الإنسان الذي يكون في مرحلة تشكله، والمرحلة الجامعية هي الأخطر في نظري، ومن تجربة شخصية لا زلت أتذكر كثيرًا مما درسته في الجامعة، رغم أني متخرجة منها قبل ثلاثة عشر عامًا، مع ذلك، استحضر كثيرًا من النقاشات التي كانت تتم أثناء المحاضرات بين الطالبات والأستاذة، ولا أتذكر إلا القليل من مراحل الدراسة التي سبقتها، هذه المرحلة من أهم مراحل النضج الفكري، وبداية تشكُل الميول الفكرية، هذه الميول في –بعض- توجهاتها لم تأخذ خطة مُحكمة، لذا رأينا ما حصل من شذوذ وتوجهات "حركية" كل ما تعمل عليه ولأجله، هو التخريب الذي يأخذ صنوفًا عديدة، فالشذوذ الفكري لم تكن نتيجته شباب أتجهوا إلى الأعمال الإرهابية فحسب، بل هناك أشكال هي الأكثر خطورة، والأصعب في الاكتشاف، هي التي تلف على عقول النشء أحزمة ناسفة، وتملأ أفئدتهم وقلوبهم ونفوسهم بالغل والكره على كل ما هو وطني!

إن هذه النماذج تأخذ أشكال حزبية وتجمعات فكرية تستخدم الدين لتمرير هذا المشاعر السلبية، وإن كنت شخصيًا لست ضد تشكيل الأحزاب أو الجمعيات السياسية، بل بالعكس هي فضاء جيد لمجتمع مدني لا يُمكن أن يكون على شكل واحد ولا هيئة واحدة، لكنني ضد الأحزاب "الحركية" وخصوصًا تلك التي تحتضر وتتخبط بعد أن احترقت أوراقها بالكامل، وهذا ما نراه فيما يُسمى بـ"الإخوان المسلمين" وهو حزب له تاريخه الطويل في الانحراف الفكري، عاش طويلاً لأجل الوصول إلى مقعد الحكم. هناك من يعتقد أن هذا الحزب هو في مصر وبعض الدول العربية، ولا يُصدق –بعضهم- وجود هذا الحزب في السعودية، لكنه حقيقة موجود، ولست ضد وجوده، إنما ضد حِراكه الرخيص واستخدامه للدين كمنصة لبث أفكاره التي تُحرك وتُؤلب وتُجييش الناس "المساكين" ممن يركضون خلف من يتحدث باسم الدين، كما حصل من بعض المصريين "البسطاء" عندما أقروا أنهم انتخبوا محمد مرسي لأنه –على حد قولهم- (راجل بتاع ربنا) ثم عضوا أصابعهم ندم، فدفع الشعب المصري اليوم ثمن هذا الخَيار الخاطئ!

الأصعب من تقبل –بعضهم- فكرة وجود هذا الحزب بالسعودية، هو أن هذا الحزب يتواجد في مواقع عديدة ومهمة، وهذا حقهم، كما أن وجودهم في حقل التعليم أمر لا يزعجني، بيّد أن تكون هذه المواقع منابر لتنفيذ أجندة حزب سياسي خارجي، وبث مبادئ هذا الحزب لتجنيد النشء في التعليم الجامعي، فهنا أقول أن هذا لم يعد من مبادئ حرية الفكر والتوجه، فالأستاذ الجامعي حر في توجهه وميوله وولاءه، لكنه هنا تجاوز مبدأ الحرية التي ينبغي أن لا تتعدى على حرية الآخرين، فتُصدم الأم ويُفجع الأب بأفكار ابنه الذي عاش سنينًا يربيه على مبادئ ومُثل وقيم ينسفها الأستاذ الجامعي خلال أيام، بأسلوب تدريب حزبي مُحكم!

الزميل عبدالله آل هيضه، نشر في جريدة العرب اللندنية، تقريرًا مبشرًا ببوادر الخير للحفاظ على سلوكيات وأفكار أبناؤنا، ذكر فيه أن خطة أمنية جاري عليها العمل لمواجهة المد الإخواني التحريضي على الشباب السعودي، خاصة داخل الجامعات الحكومية. وأنا أقول أن الخطة أتمنى أن تشمل كافة الجامعات بما فيها الخاصة، وكذلك منابر المساجد والمواقع الدعوية، فكونك تنتمي لحزب وتعمل ليل نهار.. سرًا وعلانية، لأجل أجندته فأنت حر، لكنك لست حُرًا في العبث ببناة الوطن!

 

 

3051